بقلم : بندر الغامدي
أصبح المثل الشعبي المشهور “خالف تُعْرَف” شيئاً من الماضي العتيق ، ولمواكبة الجديد و سعياً نحو الشهرة وركوب الموجة التشاؤمية التي أصبحت تطرب الأسماع و توحي بعلم و قدرة و إستقلالية مطلقها ومتبنيها ، أصبح لزاماً علينا أن نستبدل ذاك المثل العتيق بمثل جديد هو “تشاءم تُشْهَر”.
فللأسف الشديد أصبحت هذه اللغة التشاؤمية هي لغة موسيقية ، تطرب البعض ، ويضرب بها البعض أوتار البعض.
فظهر لنا العديد من المتشائمين ، والمنتقصين المتلبسين بقناع المنتقدين ، فهنالك فرق في الشكل والمضمون بين الإنتقاص والإنتقاد ، فالفرق في الشكل هو تقديم الحلول ، أما في المضمون فإن الأول يهدم والثاني يبني.
لن أتحدث بلغة شرعية داعياً إلى التفاؤل ونبذ التشاؤم ، ولكن سأتحدث بلغة واقعية متجردة من العواطف.
يركز المتشائمين في تشاؤمهم على القرارات الأخيرة المصاحبة لرؤية 2030 ويتمحورون حولها ، منتقصينها أيّما إنتقاص ، دون تقديمهم لحلٍ بديل ينقلهم من لغة الإنتقاص الرخيصة المتشائمة إلى لغة الانتقاد الثرية المتفائلة ، فنجدهم يلعبون على وتر العاطفة متجاوزين جهلاً وعمداً العقل الذي ميزنا الله به عن سائر المخلوقات ، ناهيك عن تجاوزهم للعمل الدؤوب الحاصل ، فأعداد المنتقصين أكبر من أعداد المنتقدين ، وأعداد المنتقدين أكبر من أعداد العاملين المجتهدين.
و لن “أطبّل” لرؤية 2030 ، وللتحول الاقتصادي الحاصل والقرارات المصاحبة له ، بل سأعترف بنقصانها وبوجود أخطاء فيها ، وهذه طبيعة البشر ، فلا كمال إلا لله عز وجل ، وسعينا تجاه الأفضل لا يعني عدم إرتكاب الاخطاء ، فالخطأ وارد ما دمنا نعمل ، فمن لا يعمل لا يخطئ ومن لا يخطئ لا يتعلم ، وإذا أردنا ألا نرتكب الأخطاء فعلينا أن نكتفي بالجلوس مكتوفي الأيدي بلا عمل ، وكما يقال فإن أسهل طريقة لعدم إرتكاب الأخطاء هي إمتلاك الخبرة ، و أسهل طريقة لإمتلاك الخبرة هي الوقوع في الأخطاء.
كما علينا أن نتصالح مع أنفسنا ونعترف بأن النفط قام بتخديرنا كثيراً ، و إتكلنا عليه طويلاً في اقتصادنا ، حتى أصبح لزاماً علينا أن نتحرر من عبودية النفط ، فالنفط غير دائم ، لذلك لا أعتقد بأن عاقلاً سيخالف ذلك.
اذاً مالحل؟
أعتقد أن الحل قد بدأ فعلاً ، ولكن ينقصه الكثير والكثير حتى يكتمل ، وعلينا أن نتكاتف ونقدم حلولاً تدعم الحلول ، و إذا رأينا من وجهة نظرنا قراراً خاطئ فعلينا أن نناقش البدائل ، و أن نبحث عن حلول اخرى ونطرحها بعقلانية ، لا أن نناقش المشكلة ونتمركز حولها ونتشاءم و لا نقدم شيئاً.
يقال أن امريكا وروسيا حين صعدوا إلى الفضاء تعرضوا لمشكلة تكمن في إستحالة استخدام القلم في الفضاء لإنعدام الجاذبية ، فركزت أمريكا على المشكلة وناقشتها كثيراً حتى توصلوا بعد سنوات من الابحاث وملايين من النفقات إلى إختراع قلم يستطيع الكتابة في الفضاء دون الحاجة للجاذبية ، أما روسيا فركزت على الحل واستخدمت قلم الرصاص.
قد تكون الحلول سهلة للغاية ، والبدائل في متناول أيدينا ، ولكن تمركزنا حول المشكلة واستفاضة النقاش فيها وإنتقاص الحلول سوف يقودنا غالباً إلى التشاؤم والاحباط.
أما تمركزنا حول الحلول والتجارب ، ونقدنا الموضوعي والبنّاء لما نراه خاطئاً فحتما سوف يقودنا إلى الابداع والإبتكار والتميز.اخبار